قصة قصيرة من فصل واحد
ـــــــــــــــــــــ
كانوا ثلاثة اشخاص مبللين بالماء والعرق على جزيرة صغيرة ترى حدودها من مكانك لايوجد بها اشجار او زراعة فقط رمال والمياه من كل جانب .
بعد فترة قصيرة من الزمن رأوه سفينة كبيرة تأتى من بعيد علموا السفينة من علمها المرفرف عاليآ وعندما نظروا اليها وجدوا البحارة يرموا شخص منها الى البحر على بعد قصير من الجزيرة فكانت الرؤية واضحة فضحك احدهم وقال سنظل فى ازدياد ونظر الى الباقيين واشاح بنظره وقال بينه وبين نفسه الى متى ؟
وقال الاخر اصبحنا اربعة الكثرة جيدة فى هذه الظروف
قال الاخير ليس دائما نحن بلا ماء صالح للشرب او طعام فمن الممكن ان تكون الكثرة غير مفيدة لنا لكنها مفيدة بالتأكيد لغيرنا لان العملية ستكون اسرع
فرد الاول وقال ربنا يستر
وهما يتكلمون مع بعضهم خرج الرابع من البحر وهو ينظر اليهم وقال سأقتله سأفعلها ولو كان هذا اخر ما أفعله
ضحك الاول وقال صدقنى كلنا كذلك ليت الدنيا بالتمنى ياصديقى
فقال الخارج من الماء لن يقتله احد غيرى ومسك الاول من كتفيه وقال لو حدث هذا من غيرى سأقتله بدلا منه
فرد الاول نحن اموات اصلا اتهدد الميت بموته ثم ضحك وابتعد عنه .
فرد الشخص الخارج من الماء اذا دعنا نرى من الميت وتشابك معه بالأيدى فقام رجل منهم وصرخ فيهم الاثنين كفى هذا يكفى هو يريدنا ان نفعل هذا مع بعض ان نقتل بعضا البعض وينعم هو بالرفاهية ويرفل فى النعيم أليس كذلك اين عقولكم اين ذهبت
فنظر له الكل ووضعوا رؤوسهم فى الارض خجلا من كلامه الصحيح .
فأتبع كلامه وقال يجب ان نتعرف على بعضنا البعض ونعرف سبب مجىء كل شخص منا ومادام هدفنا واحد نستطيع ان ننال هدفنا بالتعاون والاتحاد وليس الفرقة والقتال .
سأبدأ بنفسى اولا :
اسمى بولس عالم فى التكنولوجيا المتقدمة وجئت الى هنا لأعتراضى على نظام حكم الحاكم سلطان الذى يقتل العلم والعلماء بالتهميش والأهمال وعدم وضعه اسس علمية للقرية والذى ينفى اى عالم ينتقد الوضع الى هنا ثم أردف مادمت لاتتكلم فأنت مرحب بك اما أذا تكلمت فليس لك مكان وانا عالم ولا اسكت على الخطأ مهما كان لانى احمل رسالة العلم اذا اضعتها فما ذا سيتبقى لى كى احافظ عليه لاشىء
قال الاخر
اسمى اكرم حرامى نعم حرامى لكنى من النوع الذى يسرق ليكفى يومه فقط وقد اتهمنى الحاكم سلطان ورئيس حرسه بسرقة كبيرة لم افعلها ولا اقدر على فعلتها لم اجد مفر من الهرب فهربت فجاء الحاكم سلطان بأختى وحجزها حتى ارجع الى القرية وفعلا استسلمت لقوات الحاكم سلطان وبعد استسلامى فوجئت بأن الحاكم سلطان قتل اختى الوحيدة التى هددنى بها لأنها رفضت انم تترك له جسدها يفعل به مايريد فنفانى الى هنا
وقال الثالث
انا عبيد فلاح بسيط اعمل فى ارض الحاكم سلطان مع اخى وكان الحاكم يفرض علينا ضرائب كثيرة جدا فوق الطاقة التى نتحملها مع اجرنا الهزيل الذى يكفينا يومنا بدون عشاء كنت اعمل ليل نهار انا واخى لكى نسدد الضرائب ونحقق اجر اعلى لكى يكفينا وفى يوم اسود وقع منى اخى فى الارض وقع من الجوع والفقر والجهد والشقاء والذل فذهبت الى الحاكم سلطان اطالبه بتعويض عن اخى فنفانى الى هنا
قال الاخير الخارج من الماء
اسمى عبد العاطى موظف فى بلاط الحاكم سلطان ولسه عريس جديد وقد تزوجت من اجمل بنت فى القرية وعندما رأها الحاكم ارادها لنفسه فلم اوافق وتركت العمل فأخذها بالقوة من البيت وبعد ان اخذ منها مايريد رمت بنفسها من اعلى البرج وماتت
سيدى القارىء جاء الوقت لتتعرف على الحاكم سلطان .
هو حاكم القرية منذ مايقرب من 30 عامآ حاكم قرية (المذلولة) كل شىء فى يده هو القاضى والمحامى والمتهم كل شىء يأخذه الى نفسه الى ان لم يتبقى الا اهل القرية فأعتبرهم عبيده الخاصين به تارك اهل القرية يصارعون الموت والجوع والفقر والذل والاوبئة المتعددة كل اراضى القرية ملكه بالأكراه كل تجارة القرية ايضا ملكه لا احد يجروء على معارضته فأن حدث فأن مصيره يكون الموت البطىء جدا
هو الامر الناهى هو القاتل الزانى هو رأس الفساد فى كل شىء حينما يذكر الفساد يذكر الحاكم سلطان ومن كثرة الظلم والذل فى القرية سميت قرية (المذلولة).
تكلم بولس وقال عالم وحرامى وفلاح وموظف والكل يريد شىء واحدوهو قتل الحاكم سلطان لكى نريح القرية وأهلها من فساده وظلمه
قال عبد العاطى يجب ان نخرج من هنا قبل ان يفتك بنا الجوع والعطش او نقتل بعضنا البعض لتأجيل الموت لنفسه ليس اكثر
قال عبيد وكيف هذا نقطع اشجارا ونصنع مركب ونذهب بها لايوجد شىء غير الرمال والمياه ام نسبح حتى القرية التى تبعد مسيرة يوم ونصف بالسفينة
رد بولس وقال هذا الطريق هو طريق التجارة الغربى للسفن اى سفينة تأتى نشاور لها ونجذب انتباهها الينا حتى تأتى الينا
ضحك عبد العاطى كثيرا حتى كاد ان يموت من كثرة الضحك وقال وهو يلاحق انفاسه كل السفن التى تأتى من هذا الطريق تعلم تماما ان هذه جزيرة المنفيين تبع الحاكم سلطان وان اى سفينة تساعد اى شخص عليها يقفل عليها طريق التجارة الذى يتحكم به ويصادر سفينتهم لنفسه بما بها من بضائع وايضا يحاكم قبطان السفينة بتهمة مساعدة الخارجين على القانون .
رد بولس على الاقل نحاول وعندى فكرة نشد بيها اى سفينة وحسس على شىء فى جيبه ونظر للشمس بأمتنان وقال ليس امامنا سوى الانتظار والصلاة .
عدى يوم واثنين والجوع والعطش بدء يفتك بهم وفى ظهر اليوم الثالث استيقظت حواسهم على صوت عبيد وهو يصرخ ويشاور فى الافق سفينة قادمة سفينة وقال يابولس انت قلت انك تمتلك شىء تجذب به انتباه اى سفينة هيا لا يوجد وقت افعل اى شىء
فأخرج بولس من جيبه عدسة مكبرة ونظر للشمس وخلع قميصه وقال اخلعوا ملابسكم وظل يحاول اشعال الملابس بأستمرار الى ان تم المراد ورفع قطعة من الملابس يلوح بها ويصرخون للسفينة على أمل ان يجذبوا انتباه السفينة
اما على الجانب الاخر فكان قبطان السفينة ينظر من منظاره الخاص من على ظهر السفينة بأتجاه الجزيرة الصغيرة ليرى اربعة رجال يشعلون النيران فى ملابسهم ويلوحون بها ويهللون طالبين المساعدة فنادى القبطان الى مساعده واعطاه المنظار وقال له انظر فنظر المساعد وقال فى كياسة شىء عادى حضرة القبطان فنظر له القبطان وقال كيف قال المساعد هذه جزيرة المنفيين للحاكم سلطان حاكم قرية المذلولة ومن لايريدهم ينفيهم هنا على الجزيرة حتى يذوقوه الموت البطىء من الجوع والعطش وفى بعض الحالات من يكونون على متن الجزيرة يقتلون بعضهم فى حالات يأس للنجاة لكن كل مايفعلونه هو تأجيل ماهو محتم وهو موتهم .
قال له القبطان انزل المرساة وفك حبال طوق النجاة وانزله الى الماء واذهب اليهم واجلبهم الى هنا
فنظر له المساعد فى هلع حضرة القبطان انت تعرف ان بأمكان الحاكم سلطان قطع علينا طريق التجارة ومصادرة السفينة ومحاكمتك بتهمة مساعدة الخارجين عن القانون انت بذلك تخاطر بكل شىء من اجل لاشىء .
نظر له القبطان ونظر فى عين مساعده مباشرة كأنه يسبر اغواره وقال نفذ الامر حالا
فقال المساعد لن اخاطر برزق اطفالى فى البيت لأجل هؤلاء حضرة القبطان
فرد القبطان بعصبية لاتوصف سوى انها ثورة بركان فيزوف الغاضب وقال
الحاكم سلطان هو اكبر ظالم عرفته فى حياتى واذا كان هؤلاء خارجين عن القانون فلا يستحقون هذا التعذيب السادى الوحشى ليس من الرحمة والعرف ان يموتوا هكذا ثم انا لست من قرية المذلولة كى يحاكمنى هذا المدعو سلطان
واخيرا اذا لم يرانا الحرس ونحن نساعدهم فمن سيبلغه بأننا ساعدناهم ونظر فى عينى مساعده نظرة قاسية باردة بها كثير من الشك ونظر للعاملين الذين تجمعوا على ظهر السفينة على أثر ثورة القبطان وقال ولائكم لمن لى ام لسلطان فقالوا لك حضرة القبطان فنظر ثانية الى مساعده وقال تحدانى اكثر وستعاقب افعل ما أمرتك به فذهب المساعد ينفذ اوامره فى سكوت .
وذهب المساعد مع اثنين بحارة فى القارب الى الجزيرة وهو يقول لن يفرق مصيرنا كثيرا عنهم اذا كشف امرنا للحرس وعند وصوله للجزيرة قال للرجال اربعة انتم من قرية المذلولة أليس كذلك فردوا جميعا بالأيجاب فقال جميل وذهب احدهم اليه وشكره فقال لهم من يستحق الشكر ليس هنا بل فى السفينة انه القبطان .
وعندما وصلوه للسفينة شكروه القبطان على مساعدته لهم وقال لهم انا ساعدكم لانى اعرف الحاكم سلطان واعلم ظلمه وفساده لكن هذا سيكون سر بيننا لحماية تجارتنا والسفينة
فوافق الجميع
واعطاهم ملابس والاكل وعالجهم
قال لهم القبطان لن اوصلكم الى قريتكم بل الى بلدتى ومنها انتم وحدكم
وعند وصولهم لبلدة القبطان شكروه ثانية على مافعله لأنقاذهم وتوصيلهم الى بر الامان ومن هناك تسللوا ليلا الى قريتهم واختاروا مكانا مهجورا ليستريحوا فيه ويخططون به لتنفيذ مرادهم وهو قتل الحاكم سلطان
قال بولس احنا محتاجين ندخل القصر بتاع الحاكم وبداخل القصر يرشدنا عبد العاطى لانه كان يعمل هناك
رد عبد العاطى افضل فرصة لدخول القصر هو وقت تغيير الحراسة تذهب الاولى الى الغرفة ويضعوا بها المفاتيح وملابسهم وبعد مايخرجوا مباشرة تدخل المناوبة الثانية وتاخذ المفاتيح لان باب القصر يكون مغلق اثناء تبديل مناوبات الحراسة هذا هو الوقت الافضل للدخول بهدوء وانا اعرف متى تتم تبديل مناوبة الحراسة
وافق الجميع على هذه الخطة وفى اليوم التالى بدأوا التنفيذ
دخل عبد العاطى غرفة الحراس الخالية بعد خروج المناوبة الاولة امامهم دقيقة واحدة لأخذ المفتاح وفتح الباب وارجاعه مكانه ثانية حتى لايكشف امرهم بسرعة
وهم فى طريقهم داخل القصر اعترضهم 5 حراس طريقهم وطاردوهم داخل القصر وظفروا بعبد العاطى وتمكن الباقى من الهرب الى الخارج
قتلوه عبد العاطى.
بعد هروبهم من ايدى الحراس قال عبيد مستحيل ان نقتل الحاكم سلطان بسبب حراسه وايضا متاهة القصر ودليلنا فى الداخل مات واصبح دخولنا الى هناك ثانية هو انتحار وافقه اكرم وبولس
قال اكرم نحن نريد قتل الحاكم ويوجد ايضا من يريد قتله اهل القرية مثلنا مثلهم يجب ان يساعدونا لقتل الحاكم سلطان ورئيس حرسه
قال بولس فعلا يجب تأليب اهالى القرية على الحاكم سلطان حتى نظفر به
وكانت عملية سهلة لان الاهالى كانوا منحازين الى الرجال الثلاثة وكارهين الحاكم سلطان وحكمه الظالم البائد
ووصل خبر قيام الاهالى ضد الحاكم سلطان وتحالفهم مع الرجال الثلاثة المنفيين الى رئيس الحرس ومنه الى الحاكم سلطان
فنظر الحاكم سلطان الى رئيس حرسه والحراس وضحك وقال مستحيل ان يفعل اهالى القرية هذا انا مربيهم على ايديا 30 سنة وعرفت ازاى اوجهم واصرف عقولهم ثم نظر الى رئيس الحراس (حبيب) وقال له اتصرف شوف شغلك
فضحك (حبيب) بسيطة .
اما الرجال المنفيين والاهالى قد اتفقوا على مسيرة الى قصر الحاكم وخلعه من مكانه ومحاكمته على جرائمه طيلة 30 عاما وتنصيب شخص اخر يختاروه واختاروا يوم الغد وقتها
اليوم التالى نظم الاهالى نفسهم تحت قيادة بولس وعبيد واكرم فى مسيرة ضمت كل الاهالى حتى النساء والاطفال والشيوخ وكبار السن بأختصار القرية بأكملها ذهبت فى المسيرة .
وهم فى طريقهم للقصر اعترض طريقهم مجموعة صغيرة من الحراس حوالى 25 حارس على بعد 500 متر فقط من القصر وفى عيونهم نظرة تحفز وسخرية
استعجب بولس من قلة عددهم ولم يستريح نفسه مثل البقية ان المهمة ستكون سهلة ثم لم يطول استعجاب بولس اذ ظهر عربات للامن أتية الى المسيرة كانوا 10 عربات وعندما توقفت العربات ظهر بها كل عربة 3 حراس فقط يعنى 30 حارس بالاضافة الى 25 حارس لازال الرقم ضئيل جدا لمواجهة هذا الجمع الغفير ثم ظهر كبير الحراس (حبيب) .
صعد حبيب على احدى العربات ومعه مكبر صوت ونادى فى الناس وقال الحاكم سلطان حاكمنا (ابو قلب كبير).
صرف للشعب اكل دقيق وشعير ورز وسمك ولحمة وسمن وزيت وسكر وفواكه وكله
للشعب بدون مقابل تعالوا يا ابناء قرية المذلولة خدوا نصيبكم وكل شهر
هيتصرف لكل مواطن زيادة فى الراتب 50% والضرايب هتنزل 50% تعالوا وادعوا
لأبو قلب كبير
انفض الناس من حول بولس وعبيد واكرم ونسيوا هما جايين ليه حتى عبيد نفسه
اللى اخوه مات من كتر العمل فى ارض الحاكم ذهب للعربيات واتحجج انهم ممكن
ينظموا المسيرة فى يوم تانى لكن هذه الفرصة لن تأتى ثانية .
فى هذه اللحظة كان الحاكم سلطان يقف فى شرفة القصر من خلف الزجاج يتفرج على هذا المشهد امامه وبجانبه ابنه (ميمى)ولى عهد الحكم مع ان قوانين القرية هى انتخاب شخص لكن كل شىء اصبح واضح سلطان ومن بعده ميمى وما أنيل من ستك الا سيدك
قال سلطان الى ابنه ميمى انظر وتعلم كيف تصرف امورك مع هؤلاء الحثالة وابدا لاتطرد حبيب من خدمتك الا عند موته وتأتى بشخص مثله او اكثر دهاء وسوء لكن الذى تراه ليس كل شىء هذا اول شىء الجزء التانى من الخطة لازم تقطع راس الحية ومن غير ماتلوث ايدك بص واتعلم .
تابع (حبيب) كلامه بعد هجوم الاهالى على العربات وقال
ايها المواطنون الشرفاء ان المدعوين بولس وعبيد واكرم هما الذين يريدون يخربوا كل حاجة حلوة بينا هما اعدائكم هما اللى ضد تنمية مجتمعنا ومصالحكم
الوطنية ولأن حاكمنا ابو قلب كبير قال القرار فى ايد الشعب فأنتم ليكم مطلق
الحرية فى أنكم ترحموهم او تعاقبوهم وساعتها حاكمنا ابو قلب كبير هيحبكوا
اكتر واكتر وهو يرفع كيس اللحمة فى ايده الذى لايراه اهل القرية الا فى
المناسبات السنوية .
وهنا هاج الشعب على المنفيين الذى لايفكر الا فى حياته بنظام اليوم بيومه
دون ان ينظر الى المستقبل القريب حتى وليس البعيد انهم فعلا تربية الحاكم
سلطان
وقتلوا العالم الذى يريد تقدمهم على باقى القرى والمدن
والحرامى المظلوم الملكوم فى اخته
وعبيد الفلاح الذى فقد اخوه
وهم فى طريقهم لبيوتهم لم ينسوا ان يدعو للحاكم سلطان وابنه بمداد العمر
ودوام الصحة
ويقولوا
يا حاكمنا يا ابو قلب كبير فرحتنا كتير وكتير
يا حاكمنا يا ابو قلب كبير فرحتنا كتير وكتير
وطبعآ غنى عن القول ان الرواتب لم تزيد والضرايب لم تنزل بل ارتفعت ومفيش
حصص معونة شهرية لمواطنون قرية (المذلولة)
انهم اقل درجة من الحيوانات
نسخة معدلة تم نشر الاصل بتاريخ
31مارس 2010